User:Slaisam

slaisam

كورونا سلبتني سعادتي أحمد مهدي علي آل سليس للكتاب/ الكثيرون تطرقوا لتصنبف السعادة في تعريفها أو أسبابها العامة، قال البعض السعادة هي جمال النفس و الحال المستقر الآمن بعيد عن المشقة والتعب، وكلما كان الشخص راضيا عن حال الدنيا من ما قدره الله عليه، ينتاب القلب شعور بالسعادة والسرور ويعود ذلك إلى القناعة المطلقة بما قسم الله في كل مسيرة العمر المبتدأ بالولادة والمنتهي بالموت المحتم على كل الكائنا. سواء من الصحة والمرض، أو وجود الأملاك كالمال من عدمه، العيش وسط أسرة ومع عائلة مترابطة تحيط الشخص و زوجة وذرية صالحة، او العيش فرداً يتيم الابوين. وقد تكون هناك أسباب كثيرة مختلفة لأسباب السعادة منها الجيرة الطيبة والمسكن الواسع والأصدقاء الأوفياء والعمل بوظيفة يحلم بها سبب سعادة البعض. أين تكمن السعادة؟ بالنسبة لي أرى السعادة في الأمن من كل ما يخيفني وإن كان لا يؤذيني، وسعادتي تكمن في تحقيق النجاح الذي اتمناه وأصبوا إليه. انا لست كاملاً وهناك الكثير من الأمور التي أتمنى من الله تعالى ان يوفقني للوصول إليها بسهولة ويسر ويعينني عليها بحوله وقوته، تطرقت إلى السعادة في المقدمة لاستدرك بعض من الذكرى حينما كنت صغير العمر وفي بداية ادراكي لما هو حولي كانت هناك علامات استفهام واسأله تجول في داخلي. ومن تلك التساؤلات التي تورقني كيف ستكون حياتي المستقبلية. وما هو المطرح الذي ساشغرة وبأي وظيفة. هل ساكون شخص فاعل في المجتمع، ناجح ومتالق بين الناس بابداعاتي. ام ساكون على حافة الطريق وهامشة. أم أصبح كبائع الورد. وهل بائع الورد أمام إشارة المرور يقضي وقته بسعادة اصلا ام يحمل بين ضلوعه مرارة والم ضيق العيش وصعوبة في الاستمرار بحياة مستقرة. يتناسب العمر مع الوعي تناسب طردي اتسعت مخيلتي وزدادت العلامات كلما زاد عمري و انتقلت إلى مرحلة جديدة ومتقدمة، وأصبحت أفكر في الفروق بين افراد معينين من أطياف المجتمع الذي اعيش بينهم وكأن عجلة الحياة متوقفة عندهم بل لا تمر على محطاتهم أي أداة مواصلات تنقلهم من جانب إلى جانب آخر من التقدم والتطور في بيئية معيشتهم. جائحة كورونا اجتاحت العالم بأسره ومتغيراتها فرضت نفسها كشفت لي أن هناك أسباب للسعادة الكاملة رغم كل الصعاب والنقص والفقر والحاجة والفاقة والوباء وعجز الشخص المريض من العلاج والتمتع بالصحة والعافية. هذا الفايروس الذي هاجم البشرية وشن هجمات متغايرة استهدف فيها كبار الشخصيات واصغرها. بينهم علماء وباحثين أطباء وممرضين. وغيرهم من المؤثرين في المجتمع والمثقفين الناجحين في تحقيق السعادة للأجيال القادمة نحو المستقبل القريب لمواصلة الطريق الذي تطمح له اعظم الدول لشعبها وتأمين بيئية صحية من جميع النواحي المفروض وجودها لاستقرار مواطنيها. بنظرة من عيني المحدودة في معاصرتنا لاجئاحة كورونا كشفت الغطاء لي عن أشخاص سعادتهم في مبادرة بينه وبين ربه غير مكترث لاحد من الخلق ليكون في الصف الأول بين العابدين المصلين. وأشخاص سعادتهم فعل الخير أيا يكن للمحتاجين والمعتازين من الاقربين وغيرهم. واخرين سعادتهم بتحقيق أحلامهم البسيطة المتواضعة. اختلفت الموازين عندي في تحديد سبب السعادة بين الناس. واتضح لي أني كنت على خطأ كبير من تحديد سر وسبب السعادة وتحقيقها كنت اعيش كل لحظة في حياتي بسعادة بالغة، يسعدني قضاء وقت يسير مع اخوتي وأصدقائي و يسعدني قراءة قصة وقتنائها او متابعتها على التلفاز. او الخروج إلى نزهة او رحلة صيد. ابسطها الوقوف تحت زخات المطر وسماع الحانة وهو يتساقط من السماء على أوراق الشجر وفوق سطح البحر او على عيدان سقف المنزل. كثير من المواقف تسعدني ولم يكن لها وقت للنهاية لأنها مستمرة في حياتي اليومية اضعفها تناول وجبة من صنع والدتي الذي لا يشبهه طهي. السعادة الحقيقية ليس هذا فحسب يسعدني بل حتى زيارة الطبيب الدورية او الطارئة في المستشفى كنت اتسابق لأكون الأول في دخول العيادة بعفوية يسعدني مقابلة الطبيب والحديث معه وان كان العلاج وخز إبرة ضخمة تحبس الأنفاس كنت ابتسم بملامح وجهي التي تعكس نبض قلبي الخائف ورعشة جسمي المستسلم اليائس من رفضه الواقع، اجتياح وباء فايروس كورونا غير حياتي بأكملها. والمفاهيم التي أظنها صحيحة. وكأني مولود جديد لم يتعلم شيء بعد. ولايزال في المهد. ادركت ان السعادة الحقيقية تتحقق بوحدة المجتمع وترابطه مهما اختلفت مكانتهم وطبقات مستوياتهم بين الناس. السعادة هي الوطن وحب أرضه والخوف عليها من الضرر. والسعادة هي الولاء والطاعة لحاكم الوطن وأتباعه ليتحقق العدل والمساواة بلحمة الوفاء وشكر النعم التي يرزقها الله لعباده بقسم معلومة ومحددة لا يتدخل في توزيعها غيره سبحانه وتعالى. ايقنت أن السعادة تتمثل في الأمن والأمان والاستقرار في الوطن، والسعادة هي الأم والأب و أخوتهم، هي الأخت والأخ و أبنائهم الملتفين حولك بكل حب في الشدة والرخاء. السعادة تسمو بدوام الصحة والعافية ورغد العيش. يشعر بها الشخص الذي يملأ قلبه الإيمان بالله عز وجل، يرضى بمقدراته العادلة بين الخلق ولا يتبطر على نعمة الله عليه، وبتقربه لله بالشكر يصبح صدره منشرحا مرتاحا ومبتهجا في قرارة نفسه لا يرى تلك السعادة سوى الصالحين أمثاله من العباد. طارئ يغير مجرى حياة الناس تعاقبت السنين وأخذت ما أخذت من أعمارنا إلى أن كبر الصغير وشب عودة وأصبح يافعًا نافعًا وكهل الكبير وشاب رأسه وشاخ بدنة وبات سقيما ضعيف القوى يتأمل من يعينه ويرحمة، إلى أن رست بنا السفينة على شاطئ لا شمس فيه ولا قمر، حياتنا تبدلت وتغيرت وكان الفلك الذي تجري فيه السفينة اجبرت السفن بأن يرسي بميناء مجهول غامض يفاجأ الجميع بإحداث لم يتوقعها أحد من قبل، و تتطلب من كل من على السفينة النزول رغم ما يخفيه الواقع المجهول أيضاً بما ينتظر مصيرنا، تمت شروط وأنظمة وقوانين واحترازات كل ذلك ضد مواجهة وباء اكتسح الأرض ومن عليها من البشرية معروف الاسم مجهول التطور والبقاء، لم ينفع معه لا سم ولا دواء. يتنقل بين الناس بمجرد الاقتراب او حتى بملامسة الأشياء التي يعيش فيها دون علم الجميع منا. ولنتمكن من العيش وسط هذه الأزمة أن نبتعد عن بعضنا البعض باجسادنا وارواحنا، وذلك بأن لا نلمس شخص نجهله ولا ناكل منه ولا نشرب اي شيء. لا نستقبل أحد في منازلنا ولا نزور أحد. ان نمارس أعمالنا كرائد الفضاء الذي يموت ان لم يرتدي ملابس خاصة توصل له الهواء بانبوبة الأكسجين بمقدار معين. انفاسنا ناخذها بثمن وكلامنا نطلقه بلا ثمن. أي أن من اخذ التعاليم الدولية والاستراتيجية المدروسة من قبل الحكومات نجى وسلم من إصابة الوباء. ومن أتبع ما يطلقه الجاهلون من الكلام واستشهد بيأسهم من الشفاء هلك ومات. الحياة في ظل كورونا باتت الحياة بالنسبة لي وسط هذه الجائحة كصندوق من خشب هش مغلق لا تتخلله الأضواء وتسكنه العتمة. او كتابوت سيرحل بي إلى قبر بصمت. نعم لذلك حياتي كلها بكل ما مضى من ذكريات جميلة خطفت. نعم خطفها فايروس كورونا الذي لا يعادل حجم ذرة من جسمي. على اتساع هذا الكون العظيم وكل ما يسبح في فلكة بات عندي بمثابة أرض صغيرة لا تحتويني قاحلة لا زرع فيها ولا حصاد. وكل ذلك بسبب جرم صغير لا نراه ولا نعلم اين يختبئ، يفتك ويبطش ويخطف الأرواح بجنوده لا يفرق بين الكبير او الصغير ولا القوي والضعيف، ولم يهاب الغني او يعفو ويرحم الفقير. فرق الجماعات وحجر العائلات وباعد المسافات. واقتطف احبابنا والقريبات. وبعد قطفه إياهم لم يكتفي إلا بقبرا موحشا حفرته ايادي خائفة متوجسة من حمل جسدا اصابه الوباء ففرق كل احبته حتى اهله وولده لم يرفعوا نعشه او يسمح لهم بتغسيله وتكفينه. ولا تجمعوا بالصلاةَ عليه ولا ودعوه صحبه وخلانه. وخاتمته جثمانه يدحرجوه وإلى قبره يواروه خوفا من ما جرى عليه من البلاء والوباء ملفوف باكياس كخردة بالية خشية جور بطشك المخفي عن العيون، حتى تراب دفنه حين اهلوه عليه تصادم كموج البحر الهائج حين يصارع الريح العاتية فيقدف كل مافي بطنه على سواحلة مخلفا زبدا كنسيج قطنا يغطي فراش العريسين ببياض لونه ونقاوة نسجة. كورونا جعلنا نخسر أغلى مانملك أنا ممن سار على نهج المبختين الذين آمنوا بعدم وجود كان من يكن لا علاج نجع معه ولا كيان يستقر فيه. وصل إلى قعر داري واجتاحها وسلب السعادة من قلبي في طرفة عين او اقل منها. بعد خطف كورونا أرواح أبناء عمومتي الأصحاء في ريعان شبابهم بسرعة البرق اختطف مني زوجة والدي وأم اخوتي وأخي الأصغر شاب كالزهر الفواح بعطرة. وفقدناه فقد بعد صراع طويل وعذاب السرير الأبيض في العناية المركزة رغم كل الاحتياطات الصحيه الملتزم بها اصطاده الوباء وافترسه مقابل شربة عصير من اعز صديق. فيجب على الجميع الاحتراز والالتزام بتعاليم البلد الذي يعيش فيها. حتى لا تخسر إنسان تعزه وتحب بقائه معك. خسارتي لم تقف على عائلتي التي خطف الوباء السعادة من قلبها. طال البلاء على الجار والصديق وبعض من القريب منهم ومني وأهلهم، وأخذت سعادتي مني قهراً وسلبت راحتي. إلى متى…؟ إلى متى ستكتفي أو ماذا أقدم لك غير السعادة التي لم أملكها بإرادتي، وتترك ديار أحبتي و ترحل، ولا تعود للكون الجميل قبل التصدع والتهشم و يزول وبائك يا جند كورونا وتنتهي، عزائي لكل من فقد محبيه بهذا الوباء ان ينقل قصتي هذه لالا يكرر خطأي وغفلتي واتباع أناس لا علم لهم ولا خبرة في عالم الأوبئة وما تخفيه من مفاجآت مجهولة وغير متوقع آثارها ولا نتائج انتشارها.

انسخ النص إلى مجموعاتك على واتساب\تويتر\فيسبوك:

من أحدث مقالاتي، مقال بعنوان: كورونا سلبتني سعادتي أشاركه معكم وأتطلع لسماع رأيكم. رابط المقال: https://mqqal.com/2020/11/%d9%83%d9%88%d8%b1%d9%88%d9%86%d8%a7-%d8%b3%d9%84%d8%a8%d8%aa%d9%86%d9%8a-%d8%b3%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%aa%d9%8a/

الكاتب أحمد مهدي علي آل سليس